فجأة راينا البابور الكبير (( وايت الماء )) حق الجيش وهو من النوع الامريكي الذي اُهدي الى اليمن بعد (( المصالحه )) في العام 70 , رايناه يسير بسرعه باتجاه دكاكين باب اليمن , من محطة العولقي بجانب باب اليمن الى آخر دكان بجانب السور (( مستودع الامل )) لقطع غيار السيارات لسليمان شرف رحمه الله , ذلك الذي اتى من عدن ككل الذين قدموا من عدن بجديدهم !! .
فركت عيني اكثر من مره لاتاكد ان البابور يسير بدون سائق , لينتشر الذعر بين الناس ويهرب كلا في اتجاه , وبعد حوالي العشرة دقائق توقف بفضل الرصيف , ليندفع احد ابطال الصاعقه (( عبده صويلح )) ويفتح باب البابور , لارى المفاجأة التي جعلتني اضحك حتى ارتعشت لحية الذبحاني !!! , كان السري هو من يسوق البابور بطريقته , ولانه قصير جدا , فلم نره , كان يشاهد الجميع من فتحة تحت المقود !!! .
السري او الاحدب او احدب باب اليمن , احد اولئك الذين قاتلوا بشرف ورجوله في الجميمه والجبل الطويل وعيبان , والعرقوب وسنوان , وفي كل معارك الشرف , بدون ان يمنوا او يفتحون افواههم بالمن او ادعاء لبطوله , بل عادوا الى ميدان العمل , فكان السري رحمه الله صديقي الاعز سائقا لسيارة المخبز (( المحروسه )) .
تعلمت قيادة السيارة على يديه , ومنه عرفت حكايات كثيره من ميادين الشرف لجنود مجهولين قضوا في سبيل ترسيخ دعائم يمن جديد حلموا به , ونحن من بعدهم , احدهم (( الفرناج )) ذاك الذي انتهى سائقا لاحد تاكسيات باب اليمن , اقرا من وجهه كل صباح ايات العزة والكرامه حتى مات نسيا منسيا !!! , ليرثها الجبناء .....
علوان احدهم , ولا يزال الى اليوم موجودا عند دكان او مستودع النور لقطع غيار السيارات امام الخامري باب اليمن !! , اذهب بين الحين والاخر لارى علوان رمز مرحلة مجيده , صنعها مع رفاقه قادما من اب الخضيره .
كل ليلة يعود السري بشيء في يده , يوم بعشرة ريالات , أخر بربطة قات , كل ليلة بحاجه شكل , واساله ضاحكا : من اين ؟ فاكتشف اليوم الآخر انه يظل منحنيا براسه الى الارض , فكل يوم يلقى لقيه !! .
آخر الشهر تراه وقد امتطى بدلة الجيش والى العرضي ليستلم الراتب , ما اجمل الفوضويين , فيذهب الى سوق الملح ويشتري كل حاجيات والدته , وارافقه انا الى بيتهم بجانب الجامع الكبير, يسلمها كل شيئ بعد ان يقبل راسها , وفي الطريق عائدين الى المخبز : يابن الشيخ ما ذلحين سافعل بالباقي الفعائل , مع السلامه رح لك مني , مرة غاب عني ثلاثة اشهر متخفيا كما علمت فيما بعد انه ظن انه قتل احدهم بعد ليلة عرمرميه , فقد مر الى بيت الجح......في الصافيه ومن النافذة الصغيرة نال مايريد , والى الشله , حصلت معركة كل ليله , قفزت من النافذه , اكتشفت – قال – انني نمت في برميل من تلك التي تحافظ على الاشجار وسط شارع الزبيري , ملابسي كانت مبلله بآثار دم , الى فرزة الحديدة ذهبت , وفيها ظليت اشهر ثلاثة اتتبع الاخبار عل احد السائقين سيقول الاحدب قتل فلانا, فلما اطمأنيت عدت .
كان اجمل خلق الله نفسا , وشجاعا الى درجة اليقين , في بابور عمه عبد الله الذبحاني ينام , وفيه يغوص بين دخانه الابيض حتى ينام !!!
تركت باب اليمن الى آفاق الله الواسعة , كنت اذهب لاراه بين الوقت والآخر , قالوا الاحدب يصلي , وقد اطال لحيته , فضللت ولقصره اتساءل الى اين ستطول !!! .
توفت والدته , ايقنت انه لن يعيش بعدها , بعد شهرين توفي صديقي صاحب السر ساكن سيارة عبد الله الذبحاني الاوستن !!! , حزنت عليه كثيرا , فقد كان رجل من رجال مرحلة المجد , قلت ذات مساء : لم تترك بيتكم وتنام بين الروتي , قالها : مشهوا عليك .........رحمك الله يا صاحبي والعزاء لطرقات صنعاء القديمه .....وحارة الجامع الكبير ...ومخبز الثوره ...وبنشر الوسع .......
لله الامر من قبل ومن بعد .
21 اكتوبر 2017
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا