
بِإِغْفَاءَةٍ أَصْطَادُ قَلْبِيْ.. وَأُغْلِقُ الـ
ـمرَافِئَ بِالحُمَّى، وَلا شَيْءَ يُغْلَقُ
وَأَحْتَكِرُ الإِبْحَارَ، وَاللَّيْلُ قَارِبٌ
يَبِيْضُ دَلافِيْنَ اشْتِعَالٍ تُحَدِّقُ
إِلَى أَنْ تَجِيءَ الرِّيْحُ مِنْ غَيْرِ وجْهَةٍ
وَيَنْتَابُنِيْ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ مَشْرِقُ
أُذَكِّرُ أُنْثَى المِلْحِ أَعْرَى جِهَاتِهَا
فَتَجْلِسُ فِيْ حَتْفِيْ، وَكَالسَّهْمِ تَمُرُقُ
وَتَلْبَسُنِيْ أَمْوَاجُ أَفْرِيْقِيَا، وَلا
يُنَاسِبُهَا إِلَّا العَرَاءُ المُعَتَّقُ
وَأَجْلِدُ بَحَّارِيْنَ فِيْ الوَقْتِ.. وَالضُّحَى
عَقِيْمٌ.. وَمِنْهُمْ كُلُّ وَعْدٍ مُطَلَّقُ
عَصَايَ عَلَى ظَهْرِ المُحِيْطَاتُ.. إنَّهَا
عَصَايَ.. لَهَا عِلْمٌ وَفِكْرٌ وَمَنْطِقُ
يَدِيْ سُوْرَةُ المَعْنَى، وَهَذِيْ خَرَائطِيْ
بِكَفِّيْ، إِذَا لَوَّحْتُ تَهْمِيْ وَتَبْرُقُ
شَوَارِعٍ أُفْقٍ كَذَّبَتْ كُلَّ عَابِرٍ
كَمَا صَدَّقَتْنِيْ.. خُضْتُ مَا لا يُصَدَّقُ
فَيَا مُدُنًا فِيْ المَاءِ، يَا كُلَّ قَرْيَةٍ
ضَبَابِيَّةٍ.. فِيْ نَفْسِهِ المَاءُ يَغْرَقُ
فَمَنْ يُنْقِذُ الصَّحْرَاءَ مِنْ جَهْلِ رَحْلِهَا
وَرَحَّالُ عِلْمِ النَّفْسِ غَيْبٌ وَمُطْلَقُ
كِتَابُك يَا شِبْهَ الجَزِيْرَةِ يَابِسٌ
وَصَمْتُكَ يَا مُسْتَوْدَعَ العُشْبِ مُوْرِقُ
عَلَى تَلَّةِ الأَكْوَانِ إِنِّيْ مُقَرْفِصٌ
وَهَذَا الفَضَاءُ الرَّحْبُ حِصْنٌ وَخَنْدَقُ
أُحَاصِرُنِيْ أَمْ أَحْصرُ الصَّبْرَ دَاخِلِيْ!
تُحَلِّقُ بِيْ تَنْهِيْدَةٌ لا تُحَلِّقُ
أُغَنِّيْ؛ لِكَيْ أَهْوِيْ بِأَدْهَى عَوَالِمِيْ
كَأَنَّ فَمِيْ فِيْ غَيْرِ رَأسِيْ مُعَلَّقُ
أَرَى كُلَّ شَيْءٍ مِنْ عيُوْنٍ بَعِيْدَةٍ
وَمِنْ خَافِقٍ مَا زَالَ بِالنُّوْرِ يَخْفِقُ
وَمِنْ قَارَّةٍ مَأكُوْلَةٍ مِنْ جَبِيْنِهَا
إِلَى قَارَّةٍ مَبْتُوْرَةِ الجُوْعِ تَفْسُقُ
أُوَزِّعُ نَجْوَى سُنْبُلاتٍ حَمِيْمَةٍ
وَأَرْغِفَةً بِالأَمْنِ وَالسِّلْمِ تَعْبَقُ
لِمَاذَا دَمُ الإِنْسَانِ فِيْ كُلِّ حُفْنَةٍ
سُؤالٌ قَدِيْمٌ: مَنْ عَلَى الحَرْبِ يُنْفِقُ!
أُرَقِّعُ صَنْعَا -كُلَّ لَيْلٍ- بِنَجْمَةٍ
وَحَوْلِيَ شَعْبٌ كَالأَمَانِيْ مُمَزَّقُ
تَرَاجِيْدِيَا الأَهْوَالِ تَنْسَى شُخُوْصَهَا
وَشَخْصِيَّةُ الأَوْطَانِ فِيْ الأَرْضِ تُصْعَقُ
يَغِيْبُ نَهَارُ العَالَمِيْنَ وَفِيْ دَمِيْ
سَدِيْمٌ بِأَنْفَاسِ الدَّيَاجِيْرِ يَشْهَقُ
وَقَفْتُ عَلَى الأَطْلالِ مِنْ عَهْدِ آدَمٍ
إِلَى الآنَ.. بَعْدَ الآنَ مَاذَا سَأَعْشَقُ!
صرَاعٌ تُرَابِيٌّ عَلَى كَاهِلِيْ، وَكَمْ
تَرَاكَمَ فِيْ الرُّوْحِ الصِّرَاعُ المُفَرَّقُ!
سَأَغْفُوْ قَلِيْلاً إِنَّنِيْ الآنَ مُتْعَبٌ
سَأَغْفُوْ قَلِيْلاً إِنَّنِيْ الآنَ مُرْهَقُ
عَوَاصِمُ رِيْحٍ أَيْقَظَتْنِيْ... عَوَاصِمٌ
دُخَانِيَّةٌ، أَدْهَى مِنْ الجَمْرِ، تُحْرِقُ
وَأَنْقَاضُ أَعْمَارٍ.. سُلالاتُ بَرْزَخٍ
شِعَابُ أَسَاطِيْرٍ مِن الذُّعْرِ أَضْيَقُ
وَسِرْبُ عَذَابَاتٍ.. مَجَادِيْفُ وحْشَةٍ
وَأَسْئلَةٌ مَذْعُوْرَةُ الحَالِ، تُقْلِقُ
تَلُوْكُ الزَّوَايَا بِالضَّحَايَا كَغَيْرِهَا
وَتُوْغِلُ فِيْ سَبْقِ الشَّظَايَا، وَتَسْبقُ
وَيُحْرِجُنِيْ حُزْنُ البيُوْتِ الَّتِيْ لَهَا
سُقُوْفٌ ضَرِيْرَاتٌ، وَحُلْمٌ مُعَوَّقُ
وَمِنْ أَوَّلِ السَّطْرِ -الَّذِيْ لَمْ يَطُلْ- إِلَى
نِهَايَتِهِ، وَالبَوْحُ كَالحَبْلِ يَخْنُقُ
وَسَاقُ المَحَطَّاتِ انْكِسَارٌ مُهَاجِرٌ
وَحَالُ الخُطَى مِنْ حَالَةِ التِّيْهِ أَنْزَقُ
فَهَلْ أَسْأَلُ البَيْتَ الحَرَامَ سَلامَةً
وَأَبْرَهَةٌ خَلْفَ الدِّيَارِ مُبَنْدَقُ!
أَلا إِنَّهَا مَصْفُوْفَةُ الخَوْفِ إِنَّهَا
دُمُوْعُ انْشِطَارِ الوَهْمِ، بَابَيْن تَطْرُقُ
وَإِطْلالَةٌ مِنْ هُوَّةٍ أَسْفَلِ الرَّدَى
وَشَمَّاعَةٌ نَعْسَا عَلَى الرَّفِّ تَأرَقُ
فَيَا قَوْمَ عَادٍ لَمْ يَعُدْ مَا يَهُمُّنِيْ
سوَى أَنَّ فِيْ وَجْهِيْ وُجُوْهًا تُبَحْلِقُ
وَفِيْ ظَاهِرِيْ مِنْ لُعْبَةِ العَيْشِ جَمْرَةٌ
وَفِيْ بَاطِنِيْ مِنْ حِكْمَةِ المَوْتِ زِئبَقُ
أُقَلِّبُ أَوْرَاقَ المَدَائنِ وَالقُرَى
وَأَرْمِيْ بِهَا فِيْ سَلَّةٍ حَيْثُ أَبْصُقُ
وَأَنْتَزِعُ الأَيَّامَ مِنْ بَيْنِ أَضْلُعِيْ
وَأَكْتُبُ: تَارِيْخُ البُطُوْلاتِ أَحْمَقُ
وَأُلْقِيْ عَلَى المَنْفَى أَنَاشِيْدَ غُرْبَةٍ
وَمِنْ آخِرِ الدُّنْيَا، أَثِيْنَا تُصَفِّقُ
____________ـ
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا