بَرَاءَةَ ذِمَّةٍ: عِندِيْ فَتِيلُ
لِمِيلادِيْ، وَمِصبَاحٌ كَلِيلُ
وَشَاهِدُ قَبرِ أَزمِنَةٍ كِثَارٍ
وَكَيلُ كَوَارِثٍ، وَدُجًى يَكِيلُ
عَلَى هَذِيْ الحَيَاةِ، وَكُلِّ مَا فِيْ
يَدَيهَا، لا أَحِيلُ وَلا أَمِيلُ
أَسِيرُ عَلَى هَوَايَ.. دَمِيْ خَفِيفٌ
خَفِيفٌ هَكَذَا جَسَدِيْ النَّحِيلُ
سَأَحتَكِرُ المَسَافَةَ وَالمَرَايَا
إِلَى أَنْ يَسقُطَ اللَّيلُ الطَّوِيلُ
وَلَنْ أُدَعَ الحِكَايَةَ فِيْ ضُلُوعِيْ
تَحُكُّ الوَقتَ.. هَذَا مُستَحِيلُ
لأَجلِ فَمٍ وَخَردَلَةٍ، سَأَحكِيْ
لِمَنْ فِيْ المَاءِ لَيسَ لَهُ كَفِيلُ
فَمَنْ لَيسَتْ تُحِيطُ بِهِ حُقُولٌ
كَثِيرٌ فِيْ جَوَانِحِهِ القَلِيلُ
وَعَنْ بُعدٍ وَعَنْ كَثَبٍ، سَأَحكِيْ
طَوِيلاً -لِلجِهَاتِ- وَلا أُطِيلُ
وَأُومِيْ لِلمَكَانِ: هُنَا المُعَافَى
وَأُومِيْ لِلزَّمَانِ: هُنَا العَلِيلُ
وَيَومَ تَهُبُّ مِنْ عَينَيَّ رِيحٌ
سَأغفُو رَغمَ أَنِّيَ لا أَقِيلُ
وَيَومَ يَصِيحُ شَيخُ الجِنِّ: هَذَا
نَبِيٌّ مِنْ سُلالَتِهِ الخَلِيلُ
سَأَجلِدُهُ وَفِيْ نَفسِيْ احتِمَالٌ
يُؤنِّبُنِيْ.. احتِمَالٌ مَا ضَئيلُ
أُصَدِّقُهُ.. أُكَذِّبُهُ.. وَأَبكِيْ
عَلَى السِّرِّ الَّذِيْ دَمُهُ يَسِيلُ
أُحَاوِلُ أَنْ أُضَمِّدَ جُرحَ غَيبٍ
بِأَشجَارِيْ؛ فَتَنزِفُ أَرخَبِيلُ
عَلَى تَنهِيدَةِ الرُّؤيَا سَلامٌ
فَخَطبُ شُعُورِنَا خَطبٌ جَلِيلُ
وَيَومَ يَصِيرُ نَهرُ اللَّيلِ جَمرًا
وَيَنهَارُ النَّهَارُ المُستَطِيلُ
سَأَخرُجُ مِنْ أَصَابِعِ ذِكرَيَاتِيْ
أَنَا جَمَلٌ هُنَا، وَهُنَاكَ فِيلُ
سَأَخرُجُ مِنْ مَسَامَاتِيْ غَرِيبًا
وَليَسَ يَهُمُّنِيْ كَيفَ السَّبِيلُ
عَلَى جَبَلِ النَّجَاةِ يَمُوتُ جِيلٌ
وَيَحيَا فِيْ شِعَابِ الهَولِ جِيلُ
يَقُولُ السَّبتُ لِلأَحَدِ: انفَرِد بِيْ
مَعَ الإِثنَينِ.. أَزعَجَنِيْ الرَّعِيلُ
فَأَسمَعُ نَاقَةَ الثُّلَثَاءِ: تَدرِيْ
عُيُونُ الأَربِعَاءِ مَنِ الدَّخِيلُ
وَصَحرَاءَ الخَمِيسِ: أَرَى خيُولاً
لِيَومِ الجَمعِ، لَيسَ لَهَا صَهِيلُ
دَعُوا الأَيَّامَ تَسعُل أَوْ تُغَنِّيْ
فَلا انتَصَرَ السُّعَالُ وَلا الهَدِيلُ
دَعُوهَا مِثلَمَا هِيَ.. كُلُّ جَاثٍ
عَلَى يَدِهَا وَأَرجُلِهَا، قَتِيلُ
لَقَدْ أَكَلَتْ مَنَاقِيرِيْ.. لِمَاذَا
لَهَا فِيْ كُلِّ جَارِحَةٍ أَكِيلُ!
دَعُوا الأَيَّامَ، قُلتُ لَكُمْ: دَعُوهَا
وَعَنْ آمَالِكُمْ فِيهَا استَقِيلُوا
فَنِصفِيْ لِلغِيَابِ شَهِيدُ دَهرٍ
وَنِصفِيْ لِلحُضُورِ ضُحًى عَمِيلُ
فَشُكرًا لِلمَدَى العَارِيْ، وَشُكرًا
لأَجنِحَتِيْ.. لِهَا الشُّكرُ الجَزِيلُ
فَيَومَ أَطِيرُ فِيْ المَلَكُوتِ أَعلَى
غَدًا سَيَقُولُ لِلرَّحلِ الرَّحِيلُ:
تُوُفِّيَ شَاعِرُ الثَّقَلَينِ.. صَلَّى
عَلَيهِ الكَونُ، وَالأَبَدُ الثَّقِيلُ
____________ـ
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا